الصفحات

الجمعة، 29 يونيو 2012

ابا مساعد ...وافضل هدية تلقاها!


ناصر احد اصدقاء الطفولة دائما ما نلتقي في اوقات متباعدة يضمنا الحنين لأيام الطفولة وشقاوة الاطفال التقيت به منذ أشهر تسامرنا في بيته وتجاذبنا اطراف الذكريات سألته ابا مساعد سأسالك سؤلاً وأجبني بكل صراحة ما أعظم هدية تلقيتها في حياتك .
 
يقول أبا مساعد اسمع قصتي هذه وسترى ماهي اعظم هبة تلقيتها في حياتي تزوجت مبكراً في أواسط الثمانينات الميلادية وقسم الله لي ان لا يأتي لي من الظنا اكثر من 4 اعوام فكل ما حملت زوجتي بجنين أسقطته قبل اتمامها شهرها الثالث وتوجهت لكثير من الاطباء وطبيبات النساء والولادة واطباء العقم وامراض الذكورة وقمت انا وزوجتي بالسفر بحثاً عن العلاج.
 
الغريب ان فحوصاتنا سليمه انا وأم مساعد ولكن هناك ضعف بسيط في "مائي وفالوبها" فتجمع الضعف بيننا وكأنما اراد لنا الله تأخير خلفتنا .
 
في سنتي الخامسة من الزواج نصحتني زوجتي بالزواج من اخرى وكنت معارضاً لتلك الفكرة مع امكانياتي المادية ولكني احب زوجتي ولا اود مشاركتها بضرة .
 
كتب الله في هذه السنة الخامسة ان تحمل زوجتي وبعد متابعات عسيرة من الاطباء اكتشفنا ان لدي الجنين ما يسمى بالعاهة الخلقية التي قد تسبب خطرا على حياتها وحياة زوجتي فالجنين لديه ما يشبه الورم الذي يكبر كل ما كبر في بطن امه.


نصحنا الاطباء بمتابعة الحالة واخذ قياسات الورم كل اسبوعين حتى يأتي موعد الولادة لكي يتم عمل اجراء اما قبل او بعد الولادة اما بالتخلص من الجنين او علاجه في بطن امه او علاجه بعد الولادة.
 
وصل ميقات الولادة يقول ابا مساعد ودخلت مع زوجتي لحجرة التوليد وانا عند رأس زوجتي وطبيبة التوليد تنادي على زوجتي بالدفع وانا امسح على رأسها واقرأ عليها بالمعوذات وبالفاتحة وعيناي تدمعان من ألم زوجتي وحال جنيني الذي لا اعلم ماذا سيصير اليه وبين كل سورة وأخرى ادعو الله واتحمد.
 
ولدت زوجتي بنتا أية في الجمال أذنت في اذنها اليمين وأقمت في اذنها اليسار وطرق الطبيب الجراح لكي يدخل غرفة الولادة وغطيت زوجتي "بجلال" الصلاة ودخل حفظه الله فأخذ بنيتي بعد اتفاق وتوقيع على اوراق وذهب بها مع الممرضة الى غرفة العمليات .
 
انتظرت مع زوجتي حتى انهوا حالتها وذهبنا لغرفة الافاقة وبعدها لجناح راحتها وتركتها لترتاح وذهبت لغرفة العمليات اطرق طرقات المستشفى جيئة وذهابا ادعوا الله ان يشفيها من ما فيها وأن يصبرني ويعوضني ان اخذها اليه.
 
بعد ست ساعات من دخول بنيتي جراحة الرضع اخرجوها وادخلوها في حاوية الخدج وبقت هناك اكثر من عشرين يوما كل يوم اذهب لها بحليب والدتها وارضعها في ثلاث فترات والباقي يقوم به ممرضات الحضانة.
 
تحسنت حالتها وخرجت من المستشفى وذهبت بها لوالدتها التعبة في المنزل وبعد اسبوع قمت بذبح عقيقتها وخرجت لتوزيع لحم الذبيحة فاتجهت لحي الجرادية القديم الذي كنا نعيش فيه ومررت على عدة منازل اعرف اهاليها بقلة ذات اليد ووزعت عليهم من العقيقة وكنت قد جلبت معها ارزاق وزعتها.
 
وبقي من العقيقة قسم الهدية للأقارب وكان معي احد الاصدقاء من اهل الالتزام ليدلني على بيوت اهل الحاجة فقال لي ابا مساعد اعرف انه لم يبقى من عقيقة ابنتك سوى الهدية ولكن هناك بيت اردت ان نزوره انا وأنت لترى حال هذه الاسرة الفقيرة لعلك تجود بما لديك وما خصك الله به من نعمه لأهل هذا البيت وكقربان على شفاء بنيتك ليس عقيقة لها وشكرا لله على ما أتاك .
 
يقول ابا مساعد قلت لصديقي توكل على الله فذهبنا لذلك البيت الشعبي المسلح ذو الدور الواحد وذي الغرف الثلاث دققنا الباب وادخلتنا عجوز سمراء بعد أن استأذناها لتخلي لنا الطريق مررنا بغرفتين احوالها رثه ثمله واملنا على مطبخ ليس فيه سوى مجلى مياه وقدر ودرج به سكين وملعقتان ودرفة بها قدر صغير .
 
يقول ابا مساعد وانا مندهش من المنظر جرني صاحبي لغرفة فيها شيخ على فراشة لا يستطيع الكلام ويؤشر بأيديه للسماء سلمت عليه وقبلت رأسه وقلت له يا عم كل ما تحتاجونه ان شاء الله سأوفره إن قدرني الله على ذلك.
 
خرجت لسيارتي وجلبت اللحمة المتبقية وكيس الرز والسكر وادخلتهما للمطبخ وخرجت مع صاحبي وذهبنا لشارع السباله وتقضيت لهم اواني المطبخ وقفلنا راجعين لذلك المنزل وادخلنا الاغراض ونادى صاحبي المرأة واعطيتها لفة فيها بعض المال ووعدتها بأن ارسل لها ما يقدره ربي عن طريق صاحبي.
 
وبقيت على عادتي في ارسال ما يقدر ربي لتلك العائلة الفقيرة حتى استودع الله والدي تلك الاسرة وكبرت بنات ذلك الشيبة وتلك العجوز وقدر لي انقطاع اخبارهما بعد كبرهما.
 
قلت له ابا مساعد اكمل اطال الله بعمرك واحسن عملك قال ان هديتي هي بنيتي وما تلاها من ابناء وخصوصا تلك البنية فهي الان تدرس الطب ولم يبقى على تخرجها كثير وايدي الخطاب تطلبها بكثير والحمد لله وهي والله يا ابا سلطان احن ابنائي علي واعزهم الى قلبي قلت له هي بكرك يا ابا مساعد وموقف ولادتها العسير ما جعلك تتعلق بها والا فالإنسان يحب ابنائه كلهم "المال والبنون زينة الحياة الدنيا".
 
 
تذكرت قصة ابي مساعد لأذكركم اخوتي بفضل العطاء والصدقة فإنها تطفئ غضب الرب وتزيد من المال وتبارك فيه فأبحثوا عن اهل الصدقات واعطوا بنفس سخية ولا تنتقصوا العطاء مهما قل ولرب صدقة تكون وجاء لنا من النار بارك الله لكم في اموالكم .
كتبها عبدالله المقرن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق